لغز اختفاء طاقم سفينة ماري سيليست

هناك العديد من قصص الاختفاء التي تترك خلفها لغز كبير مثل سفينة تيتانك التي انتهت نهاية مؤلمة بغرق السفينة، وسفينة ماري سيليست أحد هذه الألغاز في تاريخ البحارة، حيث أن طاقمها تركها في حالة جيدة وبها ما يكفي من الطعام والشراب لمدة 6 أشهر، التي أطلق عليها “سفينة الاشباح”، ولكن ما اللغز وراء اختفاء طاقم سفينة ماري سيليست؟

في 4 نوفمبر 1872، أبحر القبطان “بنيامين بريجز” ومعه زوجته وابنته وسبع أفراد من طاقم السفينة من ميناء نيويورك متجهًا إلى إيطاليا، حمولتها مكونة من 1701 برميل من الكحول الخام، وفي إحدى النظريات وجدت تسعة براميل فارغة من الكحول.

بعد ما يقارب الشهر وفي 5 ديسمبر من نفس العام، انطلقت سفينة “دي جراتيا”، حيث وجدت سفينة ماري سيليست مجهولة في عرض المحيط الأطلسي، بالقرب من جزر الأزور، وقبطانها ديفيد صديق للقبطان بنيامين فأمر بتغيير وجهته نحو السفينة المجهولة، التي كانت على بعد 8 كيلومترات حتى أقترب منها ووجدها سفينة ماري سيليست التي كان من المفترض أنها تبحر بالقرب من جبل طارق.

وحين صعد على متنها وجد كل شئ بصورة جيدة، ومن المثير للدهشة أن أطقم أفرادها والأشياء الثمينة بحالتها الجيدة في أماكنها ويوجد طعام يكفي لمدة 6 أشهر، ولكن وجد مضخة مفككة وقارب نجاة مفقود و9 براميل من الكحول فارغة، وبعض المستندات مفقودة، ولا يوجد أحد على السفينة، ولا يوجد آثار عنف أو تعرض للهجوم من قبل القراصنة، فأطلق عليها “سفينة الأشباح”. 

ومن حسن الحظ أن السفينة كانت صالحة للإبحار فأمر ديفيد بانطلاقها بجانب سفينته إلى مضيق جبل طارق، والمطالبة بحقوق الِإنقاذ بموجب القانون البحري.

في البداية ثارت الشكوك نحو القبطان ديفيد وطاقمه، في أنهم ربما طاردوا السفينة وقتلوا القبطان وطاقمه، واستولوا على السفينة بمدخراتها وأبحروا بها للحصول على مكافأة، وبعد تحقيق استمر حوالي 3 أشهر تمت تبرئة طاقم سفينة دي جراتيا وحصلوا على مكافأة تبلغ سدس إجمالي ثمن السفينة.

خرجت العديد من النظريات خلال العقود الماضية، نظرًا لغياب الحقائق الثابتة وراء هذا اللغز، منها:

  • تمرد أحد أفراد الطاقم ولكن لم يعثر على أي علامات للعنف.
  • هجوم القراصنة ولكن لا يوجد أشياء مفقودة ثمينة.
  • افتراض وجود وحوش بحرية، ولكن الأدلة الموجودة لا تثبت ذلك.
  • توجد نظرية افترضت تبخر الكحولات وانفجار أغطية البراميل فترك الطاقم السفينة خوفًا من حدوث حريق، ولكن لم تلق هذه النظرية إقبالًا نظرًا لأن أغطية الكحولات كانت محكمة الغلق.
  • أحد النظريات تمركز اهتمامها على السفينة نفسها، حيث تعطلت إحدى معدات السفينة وفقد القائد وجهته مما دفعت الطاقم بالتخلي عن السفينة والفرار، ولكن لم تنجح بسبب عدم العثور على القارب في المحيط.

في عام 1884، ألهمت قصة سفينة ماري سيليست الكاتب “آرثر كونان” بكتابة قصة قصيرة أطلق عليها “بيان ج. هابكوك جيفسون” نالت شعبية كبيرة وتم فتح التحقيق مرة أخرى ولكن لم يتوصل لسبب مُقنع.

في 2002، المخرجة “آن ماكجريجور” استخدمت الأساليب الحديثة فرجحت أن القبطان قد أخطأ بالإبحار وبعد مسافة تقرب 200 كيلومتر من المكان الذي ينبغي أن يوجد به، عند اكتشافه هذا الأمر غير مساره نحو جزر الأزور بحثًا عن مأوى.

وذكرت أيضًا أن بعض التجديدات أجريت في السفينة والحطام الناتج عن التجديد أدى لانسداد المضخات التي تزيل الماء الزائد من السفينة، فاعتقد أن السفينة ستغرق لذلك هجر السفينة ناجيًا بنفسه ومن معه ولكن الأدلة غير كافية.

وتعليقًا على نظرية تبخر الكحولات، صحيح وجد 9 براميل فارغة ولكن لأنها مصنوعة من خشب البلوط الأحمر وهو أكثر مسامية من الخشب الأبيض المصنوع منه البراميل الأخرى لذلك تبخرت الكحولات منها.

بنيت في كندا عام 1861 وأطلق عليها “سفينة أمازون” وبعد انطلاقها تعرضت لعدد من الحوادث المؤسفة. خلال رحلتها الأولى أُصيب قائدها بالتهاب رئوي ثم تُوفي، فقرر مالكها بيعها وتعرضت لعدة حوادث أخرى وكل من قام بشرائها حالفه الحظ السئ، وقام مالكها الأمريكي “ريتشارد” بتغيير أسمها إلى “ماري سيليست” بعد شرائها وقام بعدد من التغييرات.

في عام 1885 قرر آخر مالك لها إغراقها ولكنها لم تغرق فقام بإحراقها للحصول على التأمين ولكن اكتشفت لعبته وحُوكم ومات مفلسًا، وتم إهمال ماري سيليست حتى أصبحت في قاع المحيط.

وفي النهاية ولا واحدة من هذه النظريات توصلت إلى سبب اختفاء طاقم السفينة، أين ذهبوا بعد الفرار من السفينة؟، هل أبحروا بعيدًا حتى فقدوا حياتهم بسبب الجوع؟، هل بدأوا حياة جديدة على جزيرة مهجورة؟، مر ما يقرب من 150 سنة ومازال اختفاء سفينة ماري سيليست وطاقمها يشكل لغز كبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى