كل ما تود معرفته عن نشأة قرطاج
هل تعلم عزيزي القارئ أن مدينة قرطاج يزورها ما يقرب من حوالي مليون سائح سنويا؟
ويقوم بزيارتها سنويًا هذا العدد الهائل من السياح نظرًا إلى أنها مدينة سياحية تمتاز بمناخًا متوسطًا الذي يكون لطيفًا في الشتاء، وباردًا في الصيف، ولكن إليك عزيزي القارئ رحلة إليها ومعها كل ما تود معرفته عن نشأة قرطاج.
نبذة تاريخية عن نشأة قرطاج؟
لقد كانت نشأة قرطاج عام 814 قبل الميلاد على يد الأميرة الفينيقية عليسة وتعرف أيضا باسم أليسا، أليسار، وهى ابنة ملك صور (فينيقيا سابقًا أما الأن فهى لبنان) حيث هربت الأميرة عليسة من قهر أخيها بيجماليون حيث بعد وفاة والدها طمع في الثروة والحكم مكان أخته، وبالتالي قامت بالهروب في رحلة طويلة حول حوض البحر الأبيض المتوسط بحثا عن موقع متميّز يمكنها من خلاله تأسيس مدينتها بعيدًا عن أخيها المستبد، وبعد تلك الرحلة البحرية الطويلة، إنتهي بها المطاف إلى رسو السفن على ساحل شمال أفريقيا في تونس الحالية. وقررت إنشاء مدينة سمتها قرطاج أو «قَرْتْ حَدَشْتْ» (أي القرية الحديثة) في اللغة الفينيقية.
أين تقع مدينة قرطاج؟
لقد عادت نشأة قرطاج بالإيجابيات عليها بفعل موقعها الجغرافي المتميز حيث تقع مدينة قرطاج قرب مدينة تونس في الجمهورية التونسية، حيث الموقع الذي تتواجد به يقع في الجزء الشمالي الشرقي للجمهورية على بعد 15 كلم من العاصمة فوق ربوة يعد ارتفاعها حوالي 57 م، ويمتد شريطها الساحلي على حوالي 3 كلم، ومن الشرق يحدها البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال بلدية سيدي أبي سعيد، ومن الغرب بلدية المرسى، ومن الجنوب بلدية الكرم.
مساحة مدينة قرطاج
تبلغ مساحة مدينة قرطاج 640 هكتار، أما مساحة المناطق الأثرية 407 هكتار أى بالتقريب تكون 63,58% من المساحة الإجمالية لتلك المدينة الجميلة.
مناخ مدينة قرطاج
يختلف المناخ المتوسّط لمدينة قرطاج عن مناخ العاصمة، حيث يمتاز مناخها بلطف شتائه وبرودة صيفه، ولذلك في سنة 1985م تم تصنيف المدينة ضمن قائمة التراث العالمي / اليونيسكو كونها مدينة سياحية بامتياز؛ حيث يزورها سنوياً ما يقرب إلى مليون سائح.
أهمية موقع قرطاج
تقع مدينة قرطاج في موقع مهم للغاية حيث تتواجد بين شرق وغرب البحر الأبيض المتوسط، مما سهل عليها التجارة، حيث ذهبت سفنها إلى كل أنحاء البحر، من المشرق حتى أبعد من موريتانيا، وأسسوا مدناً صغيرة على شواطئ صقلية والمغرب وسردينيا وإسبانيا.
كما أنهم بدأوا أيضاً استعمار بلاد تونس نفسها، وكانوا يسكنون الشواطئ فقط خوفاً من الحرب مع البربر الذين سكنوا البلاد. وهكذا أصبحت قرطاج المركز التجاري لغرب البحر المتوسط كله قبل القرن الخامس ق.م.
أهم 9 معالم سياحية يجب زيارتها في مدينة قرطاج
نظرًا إلى أنه منذ نشأة قرطاج تم تشييد العديد من المباني والمعالم الأثرية التى تظل خالدة حتى عصرنا هذا، فيما يلي إليك أهم 9 أماكن يجب زيارتها في مدينة قرطاج:
1- متحف قرطاج الوطني
هو متحف أثري يوجد على ربوة بيرصة بمدينة قرطاج وهي أحد أحياء مدينة قرطاج حيث تمثل الجزء الشرقي من المدينة وتعد واحدة من أرقي ضواحي العاصمة تونس حيث تمتاز طبيعتها بالهدوء، بالإضافة الى أنها تطل على البحر، ويوجد المتحف على مقربة من كاتدرائية القديس لويس بقرطاج، ويضم هذا المتحف العريق مجموعة من التحف التي تعود إلى ثلاثة عصور هامة لها دورًا عظيمًا في نشأة قرطاج في التاريخ التونسي وهى العصر الفينيقي البوني، بالإضافة إلى العصر الروماني الأفريقي، مرورًا بالعصر العربي الإسلامي.
2- الحي البونيقي والفوروم
يتواجد الحي البونيقي بجانب متحف قرطاج الوطني، كما أنه يشكل أيضا جناحًا تابعًا للمتحف الوطني، ولكنه يمتاز بتواجده منفردًا في الهواء الطلق، وتم إنشاء هذا الحي في عصر القائد التاريخي لقرطاج الذي يدعي حنبعل، وقد كان هذا العهد هو أشد مراحل القوة للدولة في أوائل القرن الثاني قبل الميلاد، والحي البونيقي عبارة عن حي سكني يتكون من عدة شوارع ومنازل ومتاجر ومباني تتعدد فيها الطوابق، ومجمعات سكنية منتظمة أشبه بتلك التي نسكنها في عصرنا الحالي، وتحتوي في الطابق السفلي على دكاكين مفتوحة على الشارع العام، كما أن الحي كان يحتوي أيضاً على العديد من المرافق الترفيهية وخزانات مياه ومجاري لتصريف المياه المستعملة والغير صالحة للاستخدام.
3- حي المنازل الرومانية
يعد حي المنازل الرومانية بمثابة تاريخ عظيم وحرارة عريقة، فهو يعد واحدًا من أبرز الأحياء الرومانية التي تتواجد في إفريقيا التي ساهمت بشكل كبير في نقل تاريخ وحضارة الرومان إلينا، والذي استطاع بعد ترميمه إظهار صورة رائعة ومبهرة عن الأحياء الرومانية المعروفة بجمالها وتصميمها المميز والتى تجذب أنظار السياح إليها، ويتواجد حي المنازل الرومانية على الهضبة الشرقية للأوديون (المسرح المغطى) بمدينة قرطاج الأثرية، ويبعد عن العاصمة تونس ما يقرب إلى 15 كم، ويعد طريق الوصول إليه في غاية السهولة، كما أنه يحتوي على العديد من المنازل التي كانت تابعة للطبقة النبيلة من الشعب والطبقة الأرستقراطية في ذلك الزمان، والتي تبين مدى عظمة الدولة في ذلك الزمن ومستوى الرفاهية والرخاء الذي عاشه سكان الحي في هذا العصر، ومن أهم المعالم التي استُطيع ترميمها وإظهارها هو مبنى السكولا وتفيد النصوص بأنه كان يعد سابقًا مقرًا لجمعية دينية وسياسية ومكانًا هامًا لإقامة الطقوس الدينية والشعائر الامبراطورية، وبجواره تقع الكنيسة المسيحية والتي تعود إلى القرن السابع، وكنيسة أخرى ذات طابع وطراز بيزنطي وبالقرب منها مقبرة بونيقية.
4- المسارح الرومانية الشهيرة
حيث هناك مسرح قرطاج الروماني الذي تم تشييده في القرن الثاني قبل الميلاد، وأيضاً المسرح الدائري بقرطاج.
5- حي ماغون
يعد حي ماغون واحدًا من أهم مكونات الموقع الأثري بقرطاج في تونس، حيث يتواجد هذا الحي على ضفاف البحر، وقد قام بحفره علماء الآثار الألمان تحت إشراف فريدريك راكوب في إطار الحملة الدولية التي أطلقتها اليونسكو، وهو حي متكامل يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
6- منتزه قرطاج لاند
يتم تصنيف قرطاج لاند كواحد من أفضل الأماكن السياحية المناسبة للأطفال، لأنه تم تجهيزه بعدد من الألعاب كي تتناسب مع أعمارهم المختلفة، ليحصلوا على نصيبهم الكامل من المتعة فهناك مسبح خاص بالأطفال، إلى جانب وجود عربات خيول، وألعابًا مائية.
7- قبة بنت الري
قبة بنت الري هي عبارة عن مبنى تحت الأرض تم تصميمه في العصر الروماني، وتم ترميمه بين عامي 1978 و 1989 خلال الحملة الدولية التي تديرها اليونسكو، ويعود تاريخ هذا المبنى إلى سنوات 320-340 ميلادي ويتكون من غرفة كبيرة طولها حوالي سبعة أمتار وغرفتين متجاورتين على ارتفاع ثلاثة أمتار، وهو مكانًا جميلًا للغاية ومثيرًا للإهتمام خصوصًا لعشاق التاريخ والآثار فهو بمثابة عنصر جذب قوي للسياح من حول العالم.
8- حمامات أنطونيوس
تعد حمامات أنطونيوس واحدة من أكبر الحمامات الرومانية في قارة إفريقيا، بالإضافة إلى كونها واحدة من أكبر ثلاثة حمامات بنيت في الإمبراطورية الرومانية القدمية، وهي الوحيدة المتبقية، حيث تضاف إلى المعالم الأثرية الرومانية الأخرى في تونس كإرث حضاري وثقافي كبير، و وتعد دليلًا على حضارة وثقافة تونس القديمة خلال فترة الحكم الروماني، كما أن المهندسون وعلماء الآثار تمكنوا من استعادة بعض أجزائها التي محاها الزمن، والمحافظة عليها بالصورة التي كانت عليها قديماً.
9- تل بيرسا
قديمًا كان تل بيرسا عبارة عن قلعة فينيقية قديمة تعود أصولها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ووفقًا للأساطير المحلية فقد سكنتها مؤسسة وملكة قرطاج الملكة عليسة، كما أن هذا التل يعد جزءًا من موقع قرطاج الأثري الذي يتردد إليه العديد من السياح كل عام، ويمكن من واجهة التل الأمامية رؤية متحف قرطاج والموانئ القديمة وخليج تونس الأزرق.
مما لا شك فيه أنه منذ نشأة قرطاج بدأت تظهر معالمها الأثرية شيئًا فشيئًا حتى أصبحت واحدة من أهم المدن السياحية التى يتوافد إليها ما يقرب إلى مليون سائح سنويًا، فماذا عنك، هل ترغب في زيارتها وترك بعض الذكريات التى ستظل خالدة في ذاكرتك عن نشأة قرطاج؟