الجدار الخلوي | تركيبه ووظائفه وأنواعه
تتعدد أشكال الحياة على الأرض بشكل مبهر، وبالرغم من هذا الاختلاف الكبير في السمات والخصائص، إلا أنه عندما ننظر إلى المستوى المجهري نجد أنهم يشتركون في نفس الوحدة الأساسية والبنيوية والوظيفية للحياة وهي الخلية، وتختلف الخلايا في أنواعها وتركيبها الكيميائي وخصائصها، وإحدى هذه الخصائص المهمة هي وجود الجدار الخلوي. وفي هذا المقال سوف نتعرف عليه بشكل مفصَّل.
ما المقصود بالجدار الخلوي؟
يعرف الجدار الخلوي على أنه المكوِّن غير الحي الذي يشكل الطبقة الخارجية التي تحيط بالخلايا خارج غشاء الخلية. وهو موجود فقط في النباتات والفطريات والطحالب ومعظم أنواع البكتيريا، وعدد قليل من الكائنات بدائية النواة. وهو يوفر القوة والدعم الهيكلي للخلية، ويفصل محتويات الخلية الداخلية عن البيئة الخارجية، ويمكنه التحكم إلى حد ما في أنواع وتركيزات الجزيئات التي تدخل وتغادر الخلية. وتختلف المواد التي تشكل جدار الخلية اعتمادًا على نوع الكائن الحي.
تركيب الجدار الخلوي
إن بنية جدران الخلايا ليست متشابهة في جميع الأنواع فهي تعتمد في تكوينها على مرحلة النمو ونوع الخلية. وفيما يلي سوف نستعرض تركيب الجدار الخلوي حسب نوع الكائن الحي كالآتي:
تركيب الجدار الخلوي للنباتات
إنَّ المكون الرئيسي لجدار الخلية النباتية هو السليلوز، وهو عبارة عن كربوهيدرات تشكل أليافًا طويلة تعطي جدار الخلية صلابته. وتتجمع ألياف السليلوز معًا لتشكيل حزمًا تسمى الألياف الدقيقة. تشمل الكربوهيدرات المهمة الأخرى الهيميسليلوز والبكتين والليجينين.
ويتم ترتيب جدار الخلية النباتية بشكل عام في ثلاث طبقات رئيسية، هي:
- جدار الخلية الابتدائي:
ويقع بالقرب من داخل الخلية، وهو أول جدار خلية تم تكوينه، ويتكون بشكل أساسي من السليلوز (Cellulose) مما يسمح للجدار بالامتداد للسماح لها بالنمو. تحتوي العديد من الجدر الأولية على السكريات البكتينية والبروتينات الهيكلية. كما أنه قابل للنفاذ وأرق نسبيًا من الطبقات الأخرى.
- الصفيحة الوسطى:
هي أيضًا طبقة خارجية وتعمل كواجهة بين الخلايا المجاورة الأخرى وتلصقها معًا. وتتكون هذه الطبقة بشكل أساسي من البكتين، ومع ذلك يمكن أيضًا العثور على مواد أخرى مثل الليغنين والبروتينات.
- جدار الخلية الثانوي:
يتشكل جدار الخلية الثانوي داخل جدار الخلية الأساسي بمجرد نمو الخلية بالكامل. تتكون بعض أنواع الخلايا (وخاصة خلايا أنسجة الزلم) من السليلوز والليغنين مما يمنح الخلية الصلابة والمقاومة للماء، وتمنح هذه الطبقة الشكل المستطيل أو المربع المميز للخلية، كما أنها الطبقة الأكثر سمكًا وتسمح بالنفاذية.
تركيب الجدار الخلوي للطحالب
يوجد العديد من أنواع الطحالب المختلفة، وبالتالي تختلف في تركيب جدران خلاياها، فبعض الطحالب مثل الطحالب الخضراء لها جدران خلايا تشبه في بنيتها جدران النباتات. وتحتوي الطحالب الأخرى مثل الطحالب البنية والطحالب الحمراء على السليلوز بالإضافة إلى السكريات والألياف الأخرى. أما الدياتومات فتحتوي على جدران خلوية مصنوعة من حمض السيليسيك. وهناك بعض الجزيئات المهمة التي تدخل في تكوين جدران الخلايا للطحالب مثل الزيلانات وحمض الألجينيك.
تركيب الجدار الخلوي للفطريات
تحتوي جدران خلايا الفطريات على الكيتين، وهو مشتق من الجلوكوز ويشبه في بنيته السليلوز. طبقات الكيتين صلبة جدًا فهي نفس الجزيء الموجود في الهياكل الخارجية الصلبة للحيوانات مثل الحشرات والقشريات. وتحتوي أيضًا على الجلوكان، وهي بوليمرات جلوكوز أخرى موجودة في جدار الخلية الفطرية مع الدهون والبروتينات. والفطريات لديها بروتينات تسمى “هيدروفوبين” في جدران خلاياها. تعطي الخلايا القوة، وتساعدها على الالتصاق بالأسطح، وتساعد في التحكم في حركة الماء داخل الخلايا، ويحيط الجدار الخلوي الخارجي في الفطريات بغشاء الخلية.
الجدار الخلوي للبكتيريا والأركيا
تحتوي جدران الخلايا للبكتيريا عادةً على متعدد السكاريد الببتيدوجليكان، وهو يتميز بالمسامية ويسمح للجزيئات الصغيرة بالمرور. يشار إلى غشاء الخلية وجدار الخلية معًا باسم غلاف الخلية. يعد جدار الخلية جزءًا أساسيًا من بقاء العديد من البكتيريا. فهو يوفر بنية ميكانيكية للبكتيريا وحيدة الخلية، كما أنه يحميها من ضغط الامتلاء الداخلي. وتحتوي البكتيريا على تركيز أعلى من الجزيئات مثل البروتينات مقارنة ببيئتها، لذلك يمنع جدار الخلية الماء من الاندفاع إلى داخل الخلية. وتعتمد فكرة المضادات الحيوية على استهداف جدار الخلية البكتيرية والتسبب في حدوث الانحلال (lysis)، مما يؤدي إلى طرد جميع محتويات الخلية ومن ثمَّ موت الخلية بشكل نهائي.
أما بالنسبة للأركيا فهي تشبه البكتيريا من نواح كثيرة، إلا أنه يصعب تواجد الببتيدوجليكان في جدران خلاياها. وهناك عدة أنواع مختلفة من جدران الخلايا في الأركيا، فيتكون بعضها من سودوببتيدوجليكان، وبعضها من متعدد السكريد، وبعضها يحتوي على بروتينات سكرية، والبعض الآخر يحتوي على بروتينات سطحية تسمى طبقة S، والتي يمكن العثور عليها أيضًا في البكتيريا.
الجدار الخلوي للعفن (molds)
مثل الحيوانات الغروية وعفن الماء، وهي طلائعيات تشبه الفطريات، لأن كلاهما يفتقر إلى البلاستيدات الخضراء، ويتسم بالتغذية غير الذاتية (رماميات)، ولديهم جدران خلايا. الفرق بينهما هو أنه في العفن يتكون جدار الخلية بشكل أساسي من السليلوز ويفتقر إلى الكيتين، وفي المقابل تحتوي جدران الخلايا للفطريات على الكيتين.
وظيفة الجدار الخلوي
جدار الخلية هو جزء لا يتجزأ من الخلية ويؤدي العديد من الوظائف الأساسية. وفيما يلي بعض وظائف جدار الخلية الرئيسية:
- يمنح جدار الخلية القوة والصلابة للخلية.
- يمنح الخلية شكلًا محددًا ويحافظ عليه.
- يوفر الحماية من الإجهاد الميكانيكي والصدمات.
- يساعد على التحكم في تمدد الخلايا الذي يحدث بسبب مرور الماء إلى داخل الخلية.
- يساعد في منع فقدان الماء من داخل الخلية.
- هو المسؤول عن نقل المواد بين الخلية وعبرها.
- يعمل كحاجز بين المكونات الخلوية الداخلية والبيئة الخارجية.
وتختلف نوعية الوظائف باختلاف الكائن الحي وحسب احتياجاته.
الفرق بين جدار الخلية وغشاء الخلية
يوجد اختلافات كثيرة بين الجدار الخلوي والغشاء الخلوي، ومن هذه الاختلافات ما يلي:
- جدار الخلية موجود فقط في النباتات والبكتيريا وغيرها وغير موجود في البشر، بينما غشاء الخلية موجود في البشر والنباتات وما إلى ذلك.
- سمك جدار الخلية يبلغ حوالي من 0.1 ميكرومترات إلى عدة ميكرومترات، أما سمك غشاء الخلية فيبلغ حوالي من 8 إلى 11 نانوميتر.
- يعتبر الجدار الخلوي هو الغطاء الخارجي للخلية النباتية، أما الغشاء الخلوي فيعتبر الغطاء الخارجي للخلية الحيوانية.
- يتكون جدار الخلية من الكيتين والسكريات والبروتينات السكرية وما إلى ذلك، بينما يتكون غشاء الخلية من الدهون والكربوهيدرات.
- جدار الخلية شكله ثابت لا يتغير، أما غشاء الخلية فهو أكثر مرونة وشكله متغير.
- يمكن أن يزداد سمك جدار الخلية مع مرور الوقت بينما يظل سمك غشاء الخلية ثابت.
- يتميز جدار الخلية بأنه قابل للنفاذ كليًا، أما غشاء الخلية فهو يسمح بالنفاذ بشكل انتقائي.
- تعتبر الحماية هي الوظيفة الرئيسية لجدار الخلية، أما غشاء الخلية فهو المسؤول عن انقسام الخلايا والتكاثر والحركة وما إلى ذلك.