المزيج التسويقي السياحي | أهميته وكيفية تطبيقه
يعتبر التخطيط هو حجر الأساس لنجاح أي عمل. وإن كان التخطيط مهمًا لأي عمل فهو بذات الأهمية أو قد يزيد في مجال التسويق. يبدأ أي مجهود تسويقي بوضع الاستراتيجية التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف المحددة مسبقًا للنشاط. ومن ثم وضع البرامج التسويقية التي ستستخدمها لتنفيذ تلك الاستراتيجية. يساعد المزيج التسويقي السياحي في فهم نشاطك وبذلك يمكنك من تطوير استراتيجيتك ووضع برامجك التسويقية بما يتناسب مع نشاطك.
في التسويق السياحي تظهر أهمية تحديد هذا المزيج بدقة حيث تتزايد المنافسة، وتتسع فيه الاختيارات، وتتعدد فيه المنتجات وتتنوع من حيث طبيعتها وخصائصها كما سنعرض لكم فيما يلي.
تحديات التسويق السياحي
تزامنًا مع التطور الذي يشهده العالم في التواصل، ومع انفتاح العملاء على وجهات جديدة ومتعددة بفضل انتشار استخدام التكنولوجيا والإنترنت، أصبح مجال السياحة والسفر من المجالات التي تشهد منافسة شرسة بتعدد الاختيارات المتاحة. ومع التغيرات التي تطرأ بشكل مستمر تزداد التحديات التي تواجه مجال التسويق السياحي خاصةً. حيث يتطلب ذلك فهمًا دقيقًا لنشاطك ومميزاتك وما تقدمه من خدمات.
يمكن تلخيص أهم التحديات التي تواجه مجال التسويق السياحي في هذه النقاط:
- الانفتاح على وجهات جديدة: أصبح العالم مثل قرية صغيرة، وتمكن غالبية العملاء من معرفة مميزات وعروض تلك الوجهات. ويعني هذا التعامل مع منافسين كثر، ويتطلب ذلك تخصيص مجهودات أكثر فاعلية لتسويق خدماتك.
- التطور التكنولوجي: وهذا الأمر يؤثر بشكل كبير ليس في عدد المنافسين فقط بل في قوة المنافسة على إرضاء العميل. العديد من الجهات أخذت خطواتها في تسهيل تجربة المستخدم بداية من إمكانية الحجز على الإنترنت وتصميم التطبيقات المتخصصة وغيرها.
- ارتفاع وعي العملاء: يتزايد وعي العملاء بالأماكن التي يرغبون بزيارتها ويزداد اطلاعهم على العروض والخصومات. ويواجه القطاع السياحي الآن عميلًا أكثر وعيًا وأكثر تطلبًا. ويتطلب ذلك الاهتمام بالرسالة التسويقية وفهم عميق لعميلك المحتمل لتخصيص رسائل تسويقية ملائمة له.
- طبيعة المنتج: فالخدمات السياحية لا تنتقل إلى مكان المستهلك، ولا تنتقل ملكيتها له. ولكنه يستهلك الخدمة في مكانها وينتقل هو إليها. يزيد ذلك الأمر من صعوبة تجربة الخدمة قبل الحصول عليها. وبذلك يصعب اكتساب ثقة العميل في الخدمة المقدمة، بالإضافة إلى أنه من المستحيل تنفيذ نفس الخدمة بنفس المستوى كل مرة.
يلزم مواجهة تلك التحديات معرفة دقيقة بما تقدمه من خدمات قبل وضع استراتيجية التسويق التي ستعتمد عليها لتحقيق أهدافك. وفي مرحلة وضع البرامج التسويقية الملائمة لاستراتيجيتك وأهدافك يتطلب ذلك تحديد المزيج التسويقي الخاص بك. وهو ما ستعتمد عليه في تحديد برامج التسويق السياحي التي ستتبعها.
عناصر المزيج التسويقي Marketing Mix
ظهر مفهوم المزيج التسويقي في ستينيات القرن الماضي على يد جيروم مكارثي. وبدأ المزيج التسويقي حينها بأربعة عناصر سميت 4Ps وهي:
- المنتج product.
- السعر price.
- المكان place.
- الترويج promotion.
وبعد تطور مجال التسويق واتساع أنشطته، ولضمان القيام بعمليات وأنشطة التسويق بشكل أكثر فاعلية في ظل هذا التطور. وبانتشار الأنشطة الخدمية تم إضافة مجموعة أخرى من العناصر التي يجب أخذها في الاعتبار عند تحديد المزيج التسويقي لأي نشاط خدمي وتتمثل في:
- العمليات processes.
- الدليل المادي physical evidence.
- والأشخاص people.
أهمية المزيج التسويقي السياحي
يمكن القول إن المزيج التسويقي يعبر عن مجموعة العوامل والمتغيرات التي تقع تحت سيطرة وتحكم أي منشأة والتي تستخدمها للتأثير على قرارات عملائها لتدفعهم لشراء منتجاتها أو الحصول على خدماتها. ومما سبق يتضح أنه لا يمكن الاعتماد فقط على فهم منتجك للوصول إلى عملائك بل إن العوامل الأخرى المذكورة في الفقرة السابقة يمكن أن يكون لها أهمية كبيرة للوصول إلى أهدافك.
تتمثل أهمية تحديد المزيج التسويقي السياحي في النقاط التالية:
- يساعد في فهم منتجك أو خدماتك التي تقدمها بشكل دقيق، من حيث خصائصه وميزته التنافسية، وأيضًا في تحديد ما يمكن أن يوفره ويقدمه منتجك أو خدمتك للمستهلك.
- يمكنك من تحديد كيفية والتوقيت المناسب الذي يمكنك من خلاله أن تقوم بالترويج لمنتجاتك إلى عملائك المستهدفين، وما هي الآليات والأساليب الترويجية المناسبة لهم.
- يساعد في وضع استراتيجيات وبرامج التسويق التي تتسم بالفاعلية.
- يعطي منشآت الأعمال فهمًا أكبر لعملائها ومتطلباتهم مما يمكنهم من وضع خطط تسويقية وتنفيذها بما يتناسب مع طبيعة العميل.
- يساعد في عمليات التخطيط والتطوير الخاصة بالمنتجات أو الخدمات، وفي استغلال نقاط القوة في نشاطك.
ولكل ما تم ذكره فإن فهم كل عنصر من عناصر المزيج التسويقي في مجال التسويق السياحي هو أمر ضروري حتى يمكن الوصول لأقصى استفادة من الخطط والبرامج التسويقية التي يتم وضعها للتأثير على العملاء وبناء صورة ذهنية لديهم عن منشأتك أو نشاطك.
عناصر المزيج التسويقي السياحي
بعد أن تعرفنا على عناصر المزيج التسويقي بشكل عام، سنتعرف على كل عنصر من عناصر المزيج التسويقي السياحي وكيفية تطبيقه. في المجال السياحي تتعدد المنتجات والخدمات المقدمة من مقدمي الخدمات السياحية. وقد تختلف المنتجات والخدمات من حيث كانت منتجات عينية أو خدمة غير عينية وغير ملموسة.
تنشأ بعض الصعوبات عند التسويق وتحديد المزيج التسويقي من الطبيعة المختلفة لهذا النشاط ومن تنوع أنشطته وخدماته. وهنا سنتناول تفصيلًا كيف نتناول كل عنصر من عناصر المزيج التسويقي في مجال التسويق السياحي في السطور التالية.
المنتج Product
يعبر المنتج عن ما يقدمه النشاط للمستهلك، وقد يكون ذلك في شكل منتجات عينية أو في شكل خدمات أو حتى في شكل فكرة يتم الترويج لها. في المجال السياحي تتعدد أشكال المنتجات والخدمات وتتنوع في طبيعتها. سنعرض لكم بعضًا من أمثلة المنتجات والخدمات السياحية:
- حجز الفنادق والإقامة
- حجز تذاكر الطيران
- الهدايا التذكارية
- الرحلات والجولات السياحية
- وسائل المواصلات
- الرحلات البحرية
- المتاحف والمعابد
وبالإضافة إلى ما سبق هناك العديد من الخدمات الأخرى التي تدخل في نطاق المنتجات السياحية. وتكون مسئولية التسويق السياحي بشأن هذا العنصر هو خلق الوعي بهذه المنتجات ومميزاتها وبمن يقدم هذا المنتج. إن معرفة المنتج الذي تقوم بتسويقه أمر مهم لإنجاح جهود التسويق السياحي والتي يجب أن تتكامل مع بقية عناصر المزيج التسويقي.
لا يقتصر الأمر هنا على معرفة المنتج فقط بل أيضًا يجب أن يمتد ليشمل معرفة مقدار الطلب عليه، وما هي احتياجات العميل التي يمكن إشباعها بواسطته، وما الذي يجعله يختار المنتج الذي تقدمه أنت وليس من أحد المنافسين لك. كل تلك النقاط التي تتعلق بالمنتج ينشأ منها معرفة ميزاتك التنافسية وتوضح كيف يمكن تقديم منتجك في سوق شديدة المنافسة.
التسعير Pricing
يعتبر التسعير من أكثر العناصر تعقيدًا. هناك العديد من طرق التسعير ولكن يعتمد الاختيار فيما بين تلك الطرق على مدى ملاءمة الطريقة للنشاط ومستوى الخدمة وأيضًا الفئة المستهدفة وقوة المنافسة. التسعير في مجال شديد المنافسة كما هو الحال في المجال السياحي أمر صعب يتطلب أن يتم الأخذ في الاعتبار أسعار المنافسين والقوة الشرائية للعملاء من جهة، وتكاليف الخدمة المقدمة وخلق هامش ربح مناسب من جهة أخرى.
قد لا يعتمد المزيج التسويقي الخاص بك على التسعير بأقل من المنافسين، لكن على الأقل يجب أن يكون السعر ملائمًا لمدى جودة الخدمات المقدمة. ولا يعتمد التسعير فقط على السعر بل أيضًا على مقدار العروض المقدمة والخصومات.
المكان Place
يعبر هذا العنصر عن المكان الذي يصبح فيه المنتج أو الخدمة متاحًا للشراء من قبل العملاء. في المجال السياحي قد يتنوع مكان عرض خدماتك بين الشراء على الإنترنت من موقعك أو تطبيق الهاتف المحمول أو من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، وبين الأماكن التي تقدم الخدمة على أرض الواقع مثل شركتك أو أحد نقاط البيع ووكلائك في الأماكن المختلفة، بل وأيضًا أماكن التي سيزورها العميل من خلالك.
الترويج Promotion
يعتبر هذا العنصر هو قلب المزيج التسويقي فهو يعبر عن كل الآليات والأساليب التي ستتبعها الشركة لعرض خدماتها والإعلان عنها. هنا ستتحدد قنوات التسويق السياحي إن كانت تقليدية كإعلانات التلفاز أو الصحف، أو قنوات رقمية كالإعلانات على الإنترنت وأي منصات رقمية سيتم استخدامها .. إلخ.
في هذه النقطة سيتم أيضًا تحديد أنواع المحتوى المقدمة على القنوات المختلفة وكيفية الوصول بكل العروض والدعايا والمحتوى الترويجي الذي يتم توجيهه إلى عملائك والفئة التي تستهدفها.
العمليات الإنتاجية Processes
وهي تعبر عن عملية تنفيذ أو الحصول على الخدمة أو المنتج السياحي، بداية من عملية الحجز وحتى الانتهاء من الحصول على الخدمة واستهلاكها. يجب أن تتم كل الخطوات السابقة بشكل سلس وبدون تعقيدات. مع تزايد الوعي بأهمية إرضاء العميل والاتجاه إلى تحسين تجربة المستخدم في كل المجالات أصبح هذا العنصر من أكثر العناصر أهمية.
إن وضع آليات ونظم معينة لتسهيل عملية حصول العميل على الخدمات المقدمة من نشاطك يتيح لك فرصًا أكبر لضمان ولاء العميل وكسب ثقته، وهو ما يؤدي إلى فتح المجال لاكتساب عملاء جدد. ولذلك يجب أن تتسم العمليات بالسرعة والكفاءة واختصار الوقت ويجب الوضع في الحسبان وقت الانتظار والعمل على تحسين نظم الحجز.
الدليل المادي Physical Evidence
عندما يتعلق الأمر بمنتج عيني مثل أي سلعة استهلاكية يمكن للعميل تجربة ذلك المنتج أولا ثم إذا نال رضاه عاود الحصول عليه. في مجال الخدمات ذلك الأمر غير متاح. يتطلب الحصول على ثقة العميل في خدمتك السياحية وجود دليل مادي على جودة خدمتك.
في هذا الشأن يجب الاهتمام بما يعكس جودة وكفاءة الخدمة المقدمة واحترافية مقدم الخدمة. فيما يخص مقدم الخدمة يمكن الاهتمام بتصميم الموقع الإلكتروني، تصميم مكان تقديم الخدمة كمقر الشركة ومظهر الموظفين. وفيما يخص الخدمة السياحية يمكن الاهتمام بما يعكس جودة الأماكن والجولات والأنشطة المقدمة في شكل مواد تسويقية تجذب العميل وتمنحه دليلًا على ما سيحصل عليه من خدمات مميزة وتناسب متطلباته.
الأشخاص People
وأخيرا يأتي العنصر الأكثر أهمية، العامل البشري. إن الأفراد الذين يتميزون بالكفاءة هو العامل الأكثر أهمية في مجال التسويق السياحي. فالاهتمام بالعنصر البشري يجب أن يبدأ من أول خطوة في عملية تقديم الخدمة السياحية بداية من رجال البيع، وممثلي الخدمة، والوكلاء ذوي الكفاءة، وحتى المرشدين السياحيين وخدمة العملاء والعلاقات العامة وغيرهم.
يجب أن يتميز الأشخاص القائمون على العمل في كل المراحل بالكفاءة والاحترافية، والمعرفة القوية بالخدمات والمنتجات المقدمة. بل أيضًا يجب أن يتميز الأفراد بالمهارة في مجال تخصصهم وبالمهارة في التعامل مع نوعيات مختلفة من العملاء.
عندما يتعلق الأمر بالتسويق السياحي، لا يقتصر الأمر في وضع برامج تسويقية قوية على مدى جودة المنتج فقط. حيث إن معظم ما يقدم يكون خدميًا وغير ملموس، ولكن يجب التكامل بين كل عناصر المزيج التسويقي لخلق مجموعة من البرامج التسويقية الناجحة ووضع الخطط التسويقية الناجحة، التي تعتمد على مزيج من العناصر التي تميز نشاطك وخدماتك التي تقدمها.
