أبواب المسجد الأقصى شاهد على التاريخ
تخيل أنك تدور في باحات المسجد الأقصى، تنجلي همومك وأنت واقف تستمع إلى صوت الأذان “الله أكبر … الله أكبر” تدمع عيناك وقتها، وأنت تستحضر كافة ما تعلمه على المسجد الأقصى من الناحية الدينية، لكن ما إن تلتفت خارجا، حتى تجد نفسك أمام أبواب المسجد الأقصى التي لها عبقها التاريخي، تقودك إلى خارج باحته، ليس هذا فقط هو دورها، ولكنها شاهدة على تاريخ لأمة عظيمة، شاهدة على انتصاراته قبل انكساراته، ولهذا فإلمامنا بالتاريخ هو أحد سبلنا لاستعادة ما سلب منا.
تاريخ بناء المسجد الأقصى
تضاربت الروايات حول التاريخ الفعلي لبناء المسجد الأقصى، فتاريخ بنائه لأول مرة ما زال غير معلوم، إلا أن الأحاديث النبوية الشريفة قد أشارت إلى أنه بني بعد بناء الكعبة المشرفة بأربعين عامًا، وورد ذلك في حديث نبوي شريف: (عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أولًا؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة. وأينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد.
يشار إلى أن الفترة الزمنية الممتدة ما بين 3000-1550 قبل الميلاد كانت المرة الأولى التي استوطن البشر فيها حول هذا المسجد؛ إذ جاءت إحدى القبائل الكنعانية إلى المنطقة، وأقامت فيها، وبدأ الكنعانيون ببناء المدينة، وإعادة ترميم ما تبقى من سور المسجد الأقصى، وتزامن ذلك مع الفترة التي هاجر فيها نبي الله إبراهيم -عليه السلام- إليها، وأقام المسجد وصلى فيه. توالت الأزمان على المسجد الأقصى؛ فمر بعدة عصور خضع في كل منها للإعمار والتشييد؛ ومن هذه العصور: عصر الفراعنة، وعصر بني إسرائيل، والإغريق، والإمبراطورية الرومانية، ومن ثم البيزنطية، والعصر الإسلامي.
وكان للمسجد في صدر العصر الإسلامي في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكانة عالية، خاصة بعد حادثة الإسراء المعراج الواقعة في السابع والعشرين من شهر رجب، بعد بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعشر سنوات، أي قبل الهجرة النبوية بثلاث سنوات فقط، وفي هذه الحادثة المباركة أسرى بالرسول صلى الله عليه وسلم فوق دابة البراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
أبواب المسجد الأقصى
يعرف المسجد الأقصى بأسماء متعددة، تدل كثرتها على شرف وعلو مكانته وقد جمع للمسجد الأقصى وبيت المقدس أسماء تقرب من العشرين أشهرها المسجد الأقصى وبيت المقدس، وللمسجد الأقصى 4 مآذن تعود لأيام العهد المملوكي، تقع 3 منها على صف واحد غربي المسجد، وواحدة في الجهة الشمالية على مقربة من باب الأسباط. أما أبواب المسجد الأقصى، فمنها عشرة أبواب مفتوحة وخمسة مغلقة، ولعل أكثر الأبواب المستعملة حاليًا، تعود إلى زمن السلطان العثماني سليمان القانوني، الذي بنى سورًا عظيمًا يحيط بالقدس، في منتصف القرن السادس للميلاد.
أولا: الأبواب المفتوحة:
- باب الأسباط: يقع في زاوية لأقصى الشمال من الشرق، ويعود تاريخ بناء الباب 1232 هجري، ويسمى الباب باسم آخر وهو (ستي مريم) لقربه من كنيسة “القديسة حنة” التي هي -حسب المعتقدات المسيحية- مكان ميلاد السيدة مريم عليها السلام.
- باب حطة: يقع في الحائط الشمالي من سور المسجد، وهو الواقع بين مئذنة باب الأسباط وباب فيصل، ويعد من أقدم الأبواب ويعود تاريخه لعام 617 هجري، ويقول مؤرخون إن هذا الباب كان موجودًا قبل دخول بني إسرائيل للأرض المقدسة.
- باب الملك الفيصل: وهو واقع غرب باب حطة في السور الشمالي للمسجد الأقصى، ويعود تاريخه إلى عام 610 هجري، سمي بهذا الاسم نسبة إلى فيصل ملك العراق تخليدًا لتبرعه لعمارة الأقصى.
- باب الغوانمة: يقع شمال السور الغربي، دعي بهذا الاسم نسبة إلى حارة الغوانمة الواصل إليها، والغوانمة عائلة يعتقد أنهم وصلوا البلاد مع صلاح الدين الأيوبي، ورمم الباب عام 707 هجري، وله أسماء أخرى منها باب الخليل وباب الغوارمة وباب درج الغوانمة.
- باب الناظر: يقع في الحائط الغربي من الأقصى، وهو قديم العهد، جدد هذا الباب في عهد الملك عيسى في عام 600 هجري، ولهذا الباب أسماء أخرى منها باب الحبس وباب ميكائيل وباب علاء الدين البصيري وباب الرباط.
- باب الحديد: يقع في السور الغربي للمسجد الاقصى، بين بابي القطانين والناظر، وله اسم آخر هو باب آرغون، وكلمة آرغون كلمة تركية تعني الحديد.
- باب القطانين: يقع في الجهة الغربية من الأقصى، داخل السور، وهو بين باب المطهرة وباب الحديد، دعي بهذا الاسم نسبة إلى سوق القطانين المحاذي له من الجهة الغربية، ويعود تاريخه إلى عام 737 هجري، ويعد باب القطانين من أجمل وأشمخ أبواب الأقصى.
- باب المطهرة: يقع في السور الغربي جنوبي باب القطانين وبالقرب منه، وهو باب قديم جدد في العهد المملوكي على يد الأمير علاء الدين البصيري، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى “مطهرة المسجد”.
- باب السلسة: وهو الكائن بمحاذاة باب السكينة في الجهة الجنوبية من الأقصى، ويعود بناء الباب لعام 600 هجري، وقد عرف أيضًا باسم باب داوود وباب الملك داوود.
- باب المغاربة: يقع في السور الغربي للأقصى، ويعود تاريخ تجديد الباب إلى عام 713 هجري، سمي بهذا الاسم نسبة إلى مسجد المغاربة بجواره، وله أسماء أخرى مثل باب النبي وباب حارة المغاربة وباب البراق.
ثانيا: الأبواب المغلقة:
وتنحصر في الباب الثلاثي والباب المزدوج والباب المفرد وباب الرحمة وباب الجنائز، وتقع هذه البوابات في السور الجنوبي والسور الشرقي للأقصى، ومع ذلك فالباب المفرد لا توجد له في الوقت الحاضر آثار واضحة في سور المسجد الأقصى المبارك.
بقيت أبواب المسجد الأقصى الـ 10 مفتوحة أمام المُصلين، قبل أن تُقدم قوات الاحتلال على إغلاق بعضها، مثلما حدث في باب المغاربة، الذي أغلقته إسرائيل عندما صادرت مفاتيحه بعد نكسة عام 1967.
ومن هذه الأبواب التي تم إغلاقها منذ زمن، مثل ما حدث في الباب المزدوج، الذي يرجح أن صلاح الدين الأيوبي هو الذي أغلقه لحماية المسجد والمدينة من الغزاة.
الأسئلة الشائعة فيما يخص أبواب المسجد الأقصى
المسجد الأقصى: وكلمة «الأقصى» تعني الأبعد، وسُمِّيَ الأقصَى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظَّم بالزيارة.
لأنه أولى القبلتين التي توجه إليها المسلمون في صلاتهم، وهو ثالث الحرمين الشريفين الذي تشد إليه الرحال معهما ولا تشد لغيرها.
للمسجد الأقصى المبارك بالبلدة القديمة والتاريخية بالأرض المقدسة ١٥ بابًا، يعبر المصلون من خلالها لأداء الصلاة في الحرم الداخلي.
يتكون المسجد الأقصى من عدة أبنية، ويحتوي على عدة معالم يصل عددها إلى 200 معلم، منها مساجد وقباب وأروقة ومحاريب ومنابر ومآذن وآبار، وغيرها من المعالم.
بنيت في زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.
1.باب السدة ويسمى “باب العتيق” لكونه قريبًا من دار ابن عتيق، وكان من الأعيان.
2.باب مدرسة الزمامية.
3.باب الباسطية، ويسمى “باب العجلة”.
4.باب القطبي.
في الختام، تعد أبواب المسجد الأقصى أحد الجوانب الجميلة والمميزة لهذا الموقع المقدس. تتنوع فيها التصاميم والزخارف، وتحمل في طياتها حكايات وتاريخًا غنيًا. إنها تعكس التطور العمراني والثقافي للمسجد الأقصى على مر العصور، بقي أن نعرف بأن التاريخ أصبح واضحًا لدينا، فأبواب المسجد الأقصى شاهدة على تاريخ أمتنا العظيم، وإن كل محاولات طمسه سيأتي يومًا وتبوء بالفشل، أيًا كانت المحاولات فأقصانا سيبقى إلى يوم نبعث فيه، وستبقي شواهده على انتصاراتنا وانكساراتنا. وحتمًا سيكون انتصارنا يومًا هو مسك الختام لقضيتنا.